فصل: الآية (100)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيتان 95 - 96

أخرج ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين‏}‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ادع فلانا‏.‏ وفي لفظ‏:‏ ادع زيدا، فجاء ومعه الدواة واللوح والكتف، فقال‏:‏ اكتب ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم، فقال‏:‏ يا رسول الله إني ضرير‏؟‏‏!‏ فنزلت مكانها ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي من طريق ابن شهاب قال‏:‏ ‏"‏حدثني سهل بن سعد الساعدي أن مروان بن الحكم أخبره‏:‏ أن زيد بن ثابت أخبره‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها علي فقال‏:‏ يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى - فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سري عنه، فأنزل الله ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن صحيح قال‏:‏ وفي هذا الحديث رواية رجل من الصحابة وهو سهل بن سعد عن رجل من التابعين وهو مروان بن الحكم، لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وأحمد وأبو داوود وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني والحاكم وصححه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت قال‏:‏ ‏"‏كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة، فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سري عنه‏:‏ فقال‏:‏ اكتب‏.‏ فكتبت في كتف ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏ فقال ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - لما سمع فضل المجاهدين‏:‏ يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين‏؟‏ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة، فوقعت فخذه على فخذي، فوجدت ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى، ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ اقرأ يا زيد‏.‏ فقرأت ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين‏}‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اكتب ‏{‏غير أولي الضرر‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال زيد‏:‏ أنزلها الله وحدها فألحقتها، والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف‏"‏‏.‏

وأخرج ابن فهر في كتاب الفضائل مالك وابن عساكر من طريق عبد الله بن رافع قال‏:‏ قدم هارون الرشيد المدينة، فوجه البرمكي إلى مالك وقال له‏:‏ احمل إلي الكتاب الذي صنفته حتى أسمعه منك‏.‏ فقال للبرمكي‏:‏ أقرئه السلام وقل له‏:‏ إن العلم يزار ولا يزور، وإن العلم يؤتى ولا يأتي‏.‏ فرجع البرمكي إلى هارون فقال له‏:‏ يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك فخالفك، اعزم عليه حتى يأتيك، فإذا بمالك قد دخل وليس معه كتاب، وأتاه مسلما فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الله جعلك في هذا الموضع لعلمك فلا تكن أنت أول من يضع العلم فيضعك الله، ولقد رأيت من ليس في حسبك ولا بيتك يعز هذا العلم ويجله فأنت أحرى أن تعز وتجل علم ابن عمك، ولم يزل يعدد عليه من ذلك حتى بكى هارون ثم قال أخبرني الزهري عن خارجة بن زيد قال‏:‏ قال زيد بن ثابت‏:‏ ‏"‏كنت أكتب بيد يدي النبي صلى الله عليه وسلم في كتف ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون‏}‏ وابن أم مكتوم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله قد أنزل الله في فضل الجهاد ما أنزل، وأنا رجل ضرير فهل لي من رخصة‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا أدري‏.‏‏.‏‏.‏ قال زيد بن ثابت‏:‏ وقلمي رطب ما جف حتى غشي النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، ووقع فخذه على فخذي حتى كادت تدق من ثقل الوحي، ثم جلى عنه فقال لي‏:‏ اكتب يا زيد ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ فيا أمير المؤمنين حرف واحد بعث به جبريل والملائكة عليهم السلام من مسيرة خمسين ألف عام حتى أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا ينبغي لي أن أعزه وأجله‏.‏‏.‏‏.‏‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه النسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق مقسم عن ابن عباس ‏"‏أنه قال ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر‏}‏ عن بدر والخارجين إلى بدر، لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش، وابن أم مكتوم‏:‏ إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة‏؟‏ فنزلت ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر‏}‏ وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة، فهولاء القاعدون غير أولي الضرر ‏{‏فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما‏}‏ درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مقسم عن ابن عباس أنه قال ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين‏}‏ عن بدر والخارجين إليها‏.‏

وأخرج ابن جرير والطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات عن زيد بن أرقم قال‏:‏ ‏"‏لما نزلت ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ جاء ابن أم مكتوم فقال‏:‏ يا رسول الله أما لي من رخصة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ اللهم إني ضرير فرخص لي‏.‏ فأنزل الله ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابتها‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن حبان والطبراني عن الفلتان ابن عاصم قال‏:‏ ‏"‏كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل عليه، وكان إذا أنزل عليه دام بصره مفتوحة عيناه، وفرغ سمعه وقلبه، لما يأتيه من الله قال‏:‏ فكنا نعرف ذلك منه‏.‏ فقال للكاتب‏:‏ اكتب ‏{‏لا يستوي القاعدون والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ فقام الأعمى فقال‏:‏ يا رسول الله ما ذنبنا‏؟‏ فأنزل الله، فقلنا للأعمى‏:‏ إنه ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فخاف أن يكون ينزل عليه شيء في أمره، فبقي قائما يقول‏:‏ أعوذ بغضب رسول الله فقال للكاتب‏:‏ اكتب ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ فسمع بذلك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏يا رسول الله قد أنزل الله في الجهاد ما قد علمت، وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما أمرت في شأنك بشيء، وما أدري هل يكون لك ولأصحابك من رخصة‏.‏ فقال ابن أم مكتوم‏:‏ اللهم إني أنشدك بصري‏.‏ فأنزل الله ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والطبراني والبيهقي من طريق أبي نضرة عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ نزلت في قوم كانت تشغلهم أمراض وأوجاع، فأنزل الله عذرهم من السماء‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أنس بن مالك قال‏:‏ نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شداد قال‏:‏ ‏"‏لما نزلت هذه الآية ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين‏}‏ قام ابن أم مكتوم فقال‏:‏ يا رسول الله إني ضرير كما ترى‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال‏:‏ ‏"‏ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية قال عبد الله بن أم مكتوم‏:‏ يا نبي الله عذري‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد قال‏:‏ ‏"‏نزلت ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين‏.‏‏.‏‏.‏ والمجاهدين في سبيل الله‏}‏ فقال رجل أعمى‏:‏ يا نبي الله فإني أحب الجهاد ولا أستطيع أن أجاهد‏.‏ فنزلت ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي قال‏:‏ ‏"‏لما نزلت هذه الآية قال ابن أم مكتوم‏:‏ يا رسول الله إني أعمى ولا أطيق الجهاد‏.‏ فأنزل الله فيه ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير من طريق زياد بن فياض عن أبي عبد الرحمن قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏لا يستوي القاعدون‏}‏ قال عمرو بن أم مكتوم‏:‏ يا رب ابتليتني فكيف أصنع‏؟‏ فنزلت ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن المنذر من طريق ثابت عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله‏}‏ قال ابن أم مكتوم‏:‏ أي رب أين عذري، أي رب أين عذري‏؟‏ فنزلت ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ فوضعت بينها وبين الأخرى، فكان بعد ذلك يغزو ويقول‏:‏ ادفعوا إلي اللواء، وأقيموني بين الصفين فإني لن أفر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال‏:‏ نزلت في ابن أم مكتوم أربع آيات ‏{‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر‏}‏ ونزل فيه ‏(‏ليس على الأعمى حرج‏)‏ ‏(‏النور الآية 61‏)‏ ونزل فيه ‏(‏فإنها لا تعمى الأبصار‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏الحج الآية 16‏)‏ الآية‏.‏ ونزل فيه ‏(‏عبس وتولى‏)‏ ‏(‏عبس الآية 1‏)‏ فدعا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأدناه وقربه وقال‏:‏ ‏"‏أنت الذي عاتبني فيك ربي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال‏:‏ لا يستوي في الفضل القاعد عن العدو والمجاهد درجة يعني فضيلة ‏{‏وكلا‏}‏ يعني المجاهد والقاعد المعذور ‏{‏وفضل الله المجاهدين على القاعدين‏}‏ الذين لا عذر لهم ‏{‏أجرا عظيما درجات‏}‏ يعني فضائل ‏{‏وكان الله غفورا رحيما‏}‏ بفضل سبعين درجة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏ قال‏:‏ أهل العذر‏.‏

واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ‏{‏فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة‏}‏ قال‏:‏ على أهل الضرر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ‏{‏وكلا وعد الله الحسنى‏}‏ أي الجنة والله يؤتي كل ذي فضل فضله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ‏{‏وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة‏}‏ قال على القاعدين من المؤمنين ‏{‏غير أولي الضرر‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏درجات منه ومغفرة ورحمة‏}‏ قال‏:‏ كان يقال‏:‏ الإسلام درجة، والهجرة درجة في الإسلام، والجهاد في الهجرة درجة، والقتل في الجهاد درجة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال‏:‏ سألت ابن زيد عن قول الله تعالى ‏{‏وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه‏}‏ الدرجات هي السبع لتي ذكرها في سورة براءة ‏(‏ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلفوا عن رسول الله، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب‏)‏ فقرأ حتى بلغ ‏(‏أحسن ما كانوا يعملون‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 120 - 121‏)‏ قال‏:‏ هذه السبع درجات‏؟‏ قال‏:‏ كان أول شيء فكانت درجة الجهاد مجملة، فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه، فلما جاءت هذه الدرجات بالتفضيل أخرج منها ولم يكن له منها إلا النفقة فقرأ ‏(‏لا يصيبهم ظمأ ولا نصب‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 120‏)‏ وقال‏:‏ ليس هذا لصاحب النفقة، ثم قرأ ‏(‏ولا ينفقون نفقة‏)‏ قال‏:‏ وهذه نفقة القاعد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن محيريز في قوله ‏{‏وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات‏}‏ قال‏:‏ الدرجات سبعون درجة، ما بين الدرجتين عدو الجواد المضمر سبعون سنة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي محلز في قوله ‏{‏وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات‏}‏ قال‏:‏ بلغني أنها سبعون درجة، بين كل درجتين سبعون عاما للجواد المضمر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏درجات منه ومغفرة ورحمة‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن معاذ بن جبل كان يقول‏:‏ إن للقتيل في سبيل الله ست خصال من خير‏:‏ أول دفعة من دمه يكفر بها عنه ذنوبه، ويحلى عليه حلة الإيمان، ثم يفوز من العذاب، ثم يأمن من الفزع الأكبر، ثم يسكن الجنة، ويزوج من الحور العين‏.‏

وأخرج البخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين بينهما كما بين السماء والأرض‏"‏‏.‏

وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة‏.‏ عجب لها أبو سعيد فقال‏:‏ أعدها علي يا رسول الله‏.‏ فأعادها عليه ثم قال‏:‏ وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض‏.‏ قال‏:‏ وما هي يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ الجهاد في سبيل الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة‏.‏ فقال رجل‏:‏ يا رسول الله وما الدرجة‏؟‏ قال‏:‏ أما أنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والأرض‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال‏:‏ كان يقال‏:‏ الجنة مائة درجة، بين كل درجتين كما بين السماء إلى الأرض، فيهن الياقوت والخيل، في كل درجة أمير يرون له الفضل والسؤدد‏.‏

 الآيات 97 - 99

أخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي السهم يرمي به، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب فيقتل‏.‏ فأنزل الله ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال‏:‏ كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر، فأصيب بعضهم وقتل بعض، فقال المسلمون‏:‏ قد كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت هذه الآية ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏ قال فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية وأنه لا عذر لهم فخرجوا، فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة، فأنزلت فيهم هذه الآية ‏(‏ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله‏)‏ ‏(‏العنكبوت الآية 10‏)‏ إلى آخر الآية‏.‏ فكتب المسلمون إليهم بذلك، فحزنوا وأيسوا من كل خير، فنزلت فيهم ‏(‏ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم‏)‏ ‏(‏النحل الآية 110‏)‏ فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن جرير عن عكرمة في قوله ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم‏}‏ إلى قوله ‏{‏وساءت مصيرا‏}‏ قال‏:‏ نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة، والحارث بن زمعة بن الأسود، وقيس بن الوليد بن المغيرة، وأبي العاص بن منية بن الحجاج، وعلي بن أمية بن خلف‏.‏ قال‏:‏ لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة، خرجوا معهم بشبان كارهين، كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد، فقتلوا ببدر كفار ورجعوا عن الإسلام، وهم هؤلاء الذين سميناهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق في قوله ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة‏}‏ قال‏:‏ هم خمسة فتية من قريش‏:‏ علي بن أمية، وأبو قيس بن الفاكه، وزمعة بن الأسود، وأبو العاصي بن منية بن الحجاج‏.‏ قال‏:‏ ونسيت الخامس‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ هم قوم تخلفوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم وتركوا أن يخرجوا معه، فمن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ضربت الملائكة وجهه ودبره‏.‏

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال‏:‏ كان قوم بمكة قد أسلموا، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهوا أن يهاجروا وخافوا، فأنزل الله ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏}‏ إلى قوله ‏{‏إلا المستضعفين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال‏:‏ هم أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فلم يخرجوا معه إلى المدينة، وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر، فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب‏.‏ فأنزل الله فيهم هذه الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ لما أسر العباس، وعقيل، ونوفل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏افد نفسك وابن أخيك‏.‏ قال‏:‏ يا رسول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك‏؟‏ قال‏:‏ يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم ثم تلا عليه هذه الآية ‏{‏ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا‏}‏ فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر ‏{‏إلا المستضعفين‏}‏ الذين ‏{‏لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا‏}‏ حيلة في المال، والسبيل الطريق‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ كنت أنا منهم من الولدان‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال‏:‏ حدثت أن هذه الآية أنزلت في أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة، فخرجوا مع عدو الله أبي جهل، فقتلوا يوم بدر فاعتذروا بغير عذر، فأبى الله أن يقبل منهم، وقوله ‏{‏إلا المستضعفين‏}‏ قال‏:‏ أناس من أهل مكة عذرهم الله فاستثناهم‏.‏ قال‏:‏ وكان ابن عباس يقول‏:‏ كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية‏:‏ نزلت هذه الآية فيمن قتل يوم بدر من الضعفاء، في كفار قريش‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال‏:‏ ‏"‏لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وظهروا ونبع الإيمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال فقالوا‏:‏ يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا، ويفعلون ويفعلون لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فكانوا يقولون ذلك له، فلما كان يوم بدر قام المشركون فقالوا‏:‏ لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره، واستبحنا ماله‏.‏ فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه وسلم معهم، فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة، قال‏:‏ فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏}‏ الآية كلها ‏{‏ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها‏}‏ وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم ‏{‏أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا‏}‏ ثم عذر الله أهل الصدق فقال ‏{‏إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا‏}‏ يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا ‏{‏فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم‏}‏ إقامتهم بين ظهري المشركين‏.‏ وقال الذين أسروا‏:‏ يا رسول الله إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا‏؟‏ فقال الله ‏(‏يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم‏)‏ ‏(‏الأنفال الآية 70‏)‏ صنيعكم الذي صنعتم خروجكم مع المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏(‏وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل‏)‏ ‏(‏الأنفال الآية 71‏)‏ خرجوا مع المشركين فأمكن منهم‏"‏‏.‏

واخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال‏:‏ كنت أنا وأمي من المستضعفين‏.‏ أنا من الولدان، وأمي من النساء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه تلا ‏{‏إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان‏}‏ قال‏:‏ كنت أنا وأمي ممن عذر الله‏.‏

واخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة‏:‏ ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانو يدعو في دبر كل صلاة‏:‏ اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وضعفة المسلمين من أيدي المشركين، الذين لا يستطيعون حلية ولا يهتدون سبيلا‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال‏:‏ ‏"‏بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال‏:‏ سمع الله لمن حمده‏.‏ ثم قال قبل أن يسجد‏:‏ اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، اللهم نج سلمة بن هشام، اللهم نج الوليد بن الوليد، اللهم نج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله ‏{‏إلا المستضعفين‏}‏ يعني الشيخ الكبير، والعجوز، والجواري الصغار، والغلمان‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن يحيى قال‏:‏ ‏"‏مكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع، وكان يقول في قنوته‏:‏ اللهم أنج الوليد بن الوليد، وعياش بن أبي ربيعة، والعاصي بن هشام، والمستضعفين من المؤمنين بمكة الذين ‏{‏لا يستطيعون حلية ولا يهتدون سبيلا‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏}‏ إلى قوله ‏{‏وساءت مصيرا‏}‏ قال‏:‏ كانوا قوما من المسلمين بمكة، فخرجوا مع قومهم من المشركين في قتال، فقتلوا معهم، فنزلت هذه الآية ‏{‏إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان‏}‏ فعذر الله أهل العذر منهم، وهلك من لا عذر له قال ابن عباس‏:‏ وكنت أنا وأمي ممن كان له عذر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ‏{‏لا يستطيعون حيلة‏}‏ قوة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏لا يستطيعون حيلة‏}‏ قال‏:‏ نهوضا إلى المدينة ‏{‏ولا يهتدون سبيلا‏}‏ طريقا إلى المدينة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏ولا يهتدون سبيلا‏}‏ طريقا إلى المدينة‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏

 الآية 100

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ‏{‏مراغما كثيرة وسعة‏}‏ قال‏:‏ المراغم التحول من أرض إلى أرض‏.‏ والسعة الرزق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏مراغما‏}‏ قال‏:‏ متزحزحا عما يكره‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏مراغما‏}‏ قال‏:‏ منفسحا بلغة هذيل‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول الشاعر‏:‏

واترك أرض جهرة إن عندي * رجاء في المراغم والتعادي

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ المراغم المهاجر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي، مراغما قال‏:‏ مبتغى للمعيشة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر مراغما قال منفسحا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة‏}‏ قال‏:‏ متحولا من الضلالة إلى الهدى، ومن العيلة إلى الغنى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله ‏{‏وسعة‏}‏ قال‏:‏ ورخاء‏.‏

وأخرج عن ابن القاسم قال‏:‏ سئل مالك عن قول الله ‏{‏وسعة‏}‏‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ سعة البلاء‏.‏

وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني بسند رجاله ثقات عن ابن عباس قال‏:‏ خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله‏:‏ احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل الوحي ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال‏:‏ كان بمكة رجل يقال له ضمرة من بني بكر، وكان مريضا فقال لأهله‏:‏ أخرجوني من مكة فإني أجد الحر‏.‏ فقالوا أين نخرجك‏؟‏ فأشار بيده نحو طريق المدينة، فخرجوا به فمات على ميلين من مكة، فنزلت هذه الآية ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت‏}‏‏.‏

واخرج أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين عن عامر الشعبي قال‏:‏ سألت ابن عباس عن قوله تعالى ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ نزلت في أكثم بن صيفي قلت‏:‏ فأين الليثي‏؟‏ قال‏:‏ هذا قبل الليثي بزمان، وهي خاصة عامة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه عن سعيد بن جبير أن رجلا من خزاعة كان بمكة فمرض، وهو ضمرة بن العيص، أو العيص بن ضمرة بن زنباع، فلما أمروا بالهجرة كان مريضا، فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره، ففرشوا له وحملوه وانطلقوا به متوجها إلى المدينة، فلما كان بالتنعيم مات، فنزل ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي كان مصاب البصر وكان بمكة، فلما نزلت ‏(‏إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة‏)‏ ‏(‏النساء الآية 97‏)‏ فقال‏:‏ إني لغني، وإني لذو حيلة‏.‏ فتجهز يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فأدركه الموت بالتنعيم، فنزلت هذه الآية ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏(‏لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر‏)‏ ‏(‏النساء الآية 96‏)‏ رخص فيها لقوم من المسلمين ممن بمكة من أهل الضرر حتى نزلت فضيلة المجاهدين على القاعدين، ورخص لأهل الضرر حتى نزلت ‏(‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏)‏ إلى قوله ‏(‏وساءت مصيرا‏)‏ ‏(‏النساء الآية 96‏)‏ قالوا‏:‏ هذه موجبة حتى نزلت ‏(‏إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا‏)‏ ‏(‏النساء الآية 98‏)‏ فقال ضمرة بن العيص أحد بني ليث وكان مصاب البصر‏:‏ إني لذو حيلة لي مال فاحملوني، فخرج وهو مريض، فأدركه الموت عند التنعيم، فدفن عند مسجد التنعيم، فنزلت فيه هذه الآية ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال لما أنزل الله هؤلاء الآيات ورجل من المؤمنين يقال له ضمرة، ولفظ عبد سبرة بمكة، قال‏:‏ والله إن لي من المال ما يبلغني إلى المدينة وأبعد منها، وإني لأهتدي إلى المدينة، فقال لأهله‏:‏ أخرجوني - وهو مريض يومئذ - فلما جاوز الحرم قبضه الله فمات، فأنزل الله ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير من وجه آخر عن قتادة قال‏:‏ لما نزلت ‏(‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 97‏)‏ قال رجل من المسلمين يومئذ وهومريض‏:‏ والله ما لي من عذر، إني لدليل بالطريق، وإني لموسر فاحملوني، فحملوه فأدركه الموت بالطريق، فنزل فيه ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال‏:‏ لما أنزل الله ‏(‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 97‏)‏ الآيتين‏.‏ قال رجل من بني ضمرة - وكان مريضا - أخرجوني إلى الروح، فأخرجوه حتى إذا كان بالحصحاص مات، فنزل فيه ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر قوله ‏{‏ومن يخرج من بيته‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ نزلت في رجل من خزاعة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي قال‏:‏ لما سمع - هذه يعني ‏(‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏النساء الآية 97‏)‏ الآية - ضمرة بن جندب الضمري قال لأهله - وكان وجعا - ‏:‏ أرحلوا راحلتي فإن الأخشبين قد غماني - يعني جبلي مكة - لعلي أن أخرج فيصيبني روح، فقعد على راحلته ثم توجه نحو المدينة فمات في الطريق، فأنزل الله ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا‏}‏ الآية‏.‏ وأما حين توجه إلى المدينة فإنه قال‏:‏ اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك‏.‏

وأخرج سنيد وابن جرير عن عكرمة قال‏:‏ لما نزلت ‏(‏إن الذين توفاهم الملائكة‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏النساء الآية 97‏)‏ الآية‏.‏ قال ضمرة بن جندب الجندعي‏:‏ اللهم أبلغت المعذرة والحجة، ولا معذرة لي ولا حجة‏.‏ ثم خرج وهو شيخ كبير فمات ببعض الطريق، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ مات قبل أن يهاجر، فلا ندري أعلى أم لا‏؟‏ فنزلت ‏{‏ومن يخرج من بيته‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال‏:‏ لما أنزل الله في الذين قتلوا مع مشركي قريش ببدر ‏(‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 97‏)‏ الآية‏.‏ سمع بما أنزل الله فيهم رجل من بني ليث كان على دين النبي صلى الله عليه وسلم مقيما بمكة، وكان ممن عذر الله، كان شيخا كبيرا، فقال لأهله‏:‏ ما أنا ببائت الليلة بمكة‏.‏ فخرجوا به حتى إذا بلغ التنعيم من طريق المدينة أدركه الموت، فنزل فيه ‏{‏ومن يخرج من بيته‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال‏:‏ نزلت في رجل من بني ليث أحد بني جندع‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن المنذر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، أن جندع بن ضمرة الجندعي كان بمكة، فمرض فقال لبنيه‏:‏ أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها‏.‏ فقالوا إلى أين‏؟‏ فأومأ بيده نحو المدينة يريد الهجرة‏؟‏ فخرجوا به فلما بلغوا اضاة بني غفار مات، فأنزل الله فيه ‏{‏ومن يخرج من بيته‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ هاجر رجل من بني كنانة يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق، فسخر به قوم واستهزؤوا به، وقال‏:‏ لا هو بلغ الذي يريد ولا هو أقام في أهله يقومون عليه ويدفن‏.‏ فنزل القرآن ‏{‏ومن يخرج من بيته‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال‏:‏ خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النبي وأصحابه فأدركه الموت في الطريق فمات، فقالوا‏:‏ ما أدرك هذا من شيء‏.‏ فأنزل الله ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام قال‏:‏ هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة، فنهشته حية في الطريق فمات، فنزلت فيه ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما‏}‏‏.‏

قال الزبير‏:‏ وكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة، فما أحزنني شيء حزني لوفاته حين بلغني، لأنه قل أن هاجر أحد من قريش إلا ومعه بعض أهله أو ذي رحمه، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى، ولا أرجو غيره‏.‏

وأخرج ابن سعد عن المغيرة بن عبد الرحمن الخزاعي عن أبيه قال‏:‏ خرج خالد بن حزام مهاجرا إلى أرض الحبشة في المرة الثانية، فنهش في الطريق فمات قبل أن يدخل أرض الحبشة، فنزلت فيه ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أهل المدينة يقولون‏:‏ من خرج فاصلا وجب سهمه، وتاولوا قوله تعالى ‏{‏ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله‏}‏ يعني من مات ممن خرج إلى الغزو بعد انفصاله من منزله قبل أن يشهد الوقعة، فله سهمه من المغنم‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عتيك ‏"‏سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ من خرج من بيته مجاهدا في سبيل الله - وأين المجاهدون في سبيل الله - فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله، أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله، أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله - يعني بحتف أنفه على فراشه، والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - ومن قتل قعصا فقد استوجب الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج أبو يعلى والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيا في سبيل الله كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة‏"‏‏.‏

 الآية 101

أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود وابن خزيمة والطحاوي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان عن يعلى بن أمية قال‏:‏ ‏"‏سألت عمر بن الخطاب قلت‏:‏ ‏{‏ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا‏}‏ وقد أمن الناس‏؟‏ فقال لي عمر‏:‏ عجبت مما عجبت منه‏!‏ فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال‏:‏ صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي حنظلة قال‏:‏ سألت ابن عمر عن صلاة السفر‏؟‏ فقال‏:‏ ركعتان‏.‏ فقلت‏:‏ فأين قوله تعالى ‏{‏إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا‏}‏ ونحن آمنون‏؟‏ فقال‏:‏ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي في سننه عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسد أنه سأل ابن عمر أرأيت قصر الصلاة في السفر، إنا لا نجدها في كتاب الله، إنما نجد ذكر صلاة الخوف‏؟‏‏!‏ فقال ابن عمر‏:‏ يا ابن أخي إن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا، فإنما نفعل كما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وقصر الصلاة في السفر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن حارثة بن وهب الخزاعي قال‏:‏ ‏"‏صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بمنى، أكثر ما كان الناس وآمنه ركعتين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا، ركعتين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال‏:‏ سافرت إلى مكة فكنت أصلي ركعتين، فلقيني قراء من أهل هذه الناحية فقالوا‏:‏ كيف تصلي‏؟‏ قلت ركعتين‏!‏ قالوا أسنة وقرآن‏؟‏‏!‏ قلت‏:‏ كل سنة وقرآن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين‏.‏ قالوا إنه كان في حرب‏!‏ قلت‏:‏ قال الله ‏(‏لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون‏)‏ ‏(‏الفتح الآية 27‏)‏ وقال ‏{‏وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة‏}‏ فقرأ حتى بلغ ‏(‏فإذا اطمأننتم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 102‏)‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا، ركعتين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن علي قال‏:‏ ‏"‏سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا رسول الله إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من اصلاة‏}‏ ثم انقطع الوحي، فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر فقال المشركون‏:‏ لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم، هلا شددتم عليهم‏؟‏ فقال قائل منهم‏:‏ إن لهم مثلها أخرى في أثرها، فأنزل الله بين الصلاتين ‏{‏إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا، وإذا كنت فيهم فأمت الصلاة فلتقم طائفة منهم معك‏}‏ إلى قوله ‏{‏إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا‏}‏ فنزلت صلاة الخوف‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال‏:‏ قال رجل‏:‏ يا رسول الله إني رجل تاجر أختلف إلى البحرين فأمره أن يصلي ركعتين‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ ‏{‏فاقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا‏}‏ ولا يقرأ ‏{‏إن خفتم‏}‏ وهي في مصحف عثمان ‏{‏إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق قال‏:‏ سمعت أبي يقول‏:‏ ‏"‏سمعت عائشة تقول‏:‏ في السفر أتموا صلاتكم‏.‏ فقالوا‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في السفر ركعتين‏؟‏ فقالت‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حرب، وكان يخاف هل تخافون أنتم‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال‏:‏ ‏"‏قلت لعطاء أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتم الصلاة في السفر‏؟‏ قال‏:‏ عائشة، وسعد بن أبي وقاص‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أمية بن عبد الله ‏"‏أنه قال لعبد الله بن عمر‏:‏ إنا نجد في كتاب الله قصر الصلاة في الخوف ولا نجد قصر صلاة المسافر‏؟‏ فقال عبد الله‏:‏ إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملا عملنا به‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏أنزلت يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان والمشركون بضجنان، فتوافقوا فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الظهر أربعا، ركوعهم وسجودهم وقيامهم معا جمعا، فهم به المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم، فأنزل الله ‏(‏فلتقم طائفة منهم معك‏)‏ ‏(‏النساء الآية 102‏)‏ فصلى العصر، فصف أصحابه صفين، ثم كبر بهم جميعا، ثم سجد الأولون لسجوده والآخرون قيام لم يسجدوا حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كبر بهم وركعوا جميعا، فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف المقدم، فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة، وقصر العصر إلى ركعتين‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن طاوس في قوله ‏{‏أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ قصرها من الخوف والقتال الصلاة في كل وجه راكبا وماشيا قال‏:‏ فأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الركعتان، وصلاة الناس في السفر ركعتين فليس بقصر، هو وفاؤها‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن دينار في قوله ‏{‏إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ إنما ذلك إذا خافوا الذين كفروا، وسن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ركعتين، وليس بقصر ولكنها وفاء‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة‏}‏ إذا صليت ركعتين في السفر فهي تمام، والتقصير لا يحل إلا أن تخاف من الذين كفروا أن يفتنوك عن الصلاة، والتقصير ركعة، يقوم الإمام ويقوم معه طائفتان، طائفة خلفه وطائفة يوازون العدو، فيصلي بمن معه ركعة، ويمشون إليهم على أدبارهم حتى يقوموا في مقام أصحابهم، وتلك المشية القهقرى، ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصلي مع الإمام ركعة، ثم يجلس الإمام فيسلم، فيقومون فيصلون لأنفسهم ركعة، ثم يرجعون إلى صفهم، ويقوم الآخرون فيضيفون إلى ركعته شيئا تجزئه ركعة الإمام، فيكون للإمام ركعتان ولهم ركعة، فذلك قول الله ‏(‏وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة‏)‏ إلى قوله ‏(‏وخذوا حذركم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 102‏)‏‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن اين عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏أن يفتنكم الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ بالعذاب والجهل بلغة هوزان‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول الشاعر‏:‏

كل امرئ من عباد الله مضطهد * ببطن مكة مقهور ومفتون‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سماك الحنفي قال‏:‏ سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال‏:‏ ركعتان تمام غير قصر، إنما القصر صلاة المخافة‏.‏ قلت‏:‏ وما صلاة المخافة‏؟‏ قال‏:‏ يصلي الإمام بطائفة ركعة، ثم يجيء هؤلاء إلى مكان هؤلاء وهؤلاء إلى مكان هؤلاء، فيصلي بهم ركعة، فيكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة ركعة‏.‏

وأخرج مالك وعبد بن حميد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في السفر والحضر، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏فرضت الصلاة على النبي بمكة ركعتين ركعتين، فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا، وأقرت صلاة السفر ركعتين‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏فرضت الصلاة ركعتين ركعتين إلا المغرب فرضت ثلاثا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر صلى الصلاة الأولى، وإذا أقام زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا المغرب لأنها وتر، والصبح لأنها تطول فيها القراءة‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏يا أهل مكة‏!‏ لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان‏"‏‏.‏

وأخرج الشافعي والبيهقي عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس أنه سئل أتقصر إلى عرفة‏؟‏ فقال‏:‏ لا، ولكن إلى عسفان، وإلى جدة، وإلى الطائف‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والنحاس عن ابن عباس قال‏:‏ فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏وإذا ضربتم في الأرض‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ قصر الصلاة - إن لقيت العدو وقد حانت الصلاة - أن تكبر الله وتخفض رأسك إيماء راكبا كنت أو ماشيا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ‏{‏ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة‏}‏ قال‏:‏ ذاك عند القتال، يصلي الرجل الراكب تكبيرة من حيث كان وجهه‏.‏